[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]مفاتيح سورة الدخان.
أولاً:اسم السورة
وهذه السورة تسمى:
سورة الدخان(1).
وسميت بذلك: لقولــه تعالـى { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الآية 10]
وفي الآية دلالة على أنه: جزاء غشيان أدخنة النفوس الخبيثة بصائر قلوب أهلها وأرواحهم؛ ولذلك: رأوا الدلائل شبهات الشياطين، وجعلوا المميز بينهما مجنوناً.. وإن القرآن كاشف عنه، ككشف الدخان المحسوس عنهم.(2)
ثانياً : عدد آيات السورة و كلماتها و حروفها
عدد آياتها(3): (59) تسع وخمسون آية.
وعدد كلماتها: (346) ثلاثمائة وست وأربعون كلمة.
وعدد حروفها: (1431) ألف وأربعمائة وواحد وثلاثون حرفاً.
ثالثاً : ترتيب السورة فى المصحف و فى النزول
أ- في المصحف بعد: سورة "الزخرف"، وقبل: سورة "الجاثية".
ب- في النزول بعد: سورة "الزخرف"، وقبل: سورة "الجاثية"
رابعاً : سبب نزول السورة
لم نعثر على آثار تفيد سبب نزول السورة كاملة.
خامساً : مكية السورة و مدنيتها
هذه السورة: مكية.
سادساً : فضل السورة
أولاً: انظر: فضل سورة الشورى
حيث ينطبق نفس الكلام هناك هنا، سواء بسواء.
ثانياً: ورد في تفسير البيضاوي، وغيره ما يلي:
1- عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قرأ حم الدخان: أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك".
وهذه الرواية:
أخرجها: الترمذي في سننه.. كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل سورة الدخان.
وأخرجها: البيهقي في الشعب .. باب: في تعظيم القرآن، فصل: في فضائل السور والآيات.
والحديث: (موضوع) كما ذكر الألباني في ضعيف سنن الترمذي ص344
2-عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حم الدخان ليلة جمعة: أصبح مغفوراً له"
وهذه الرواية: أخرجها الترمذي في سننه.. كتاب: فضائل القرآن، باب: ما جاء في فضل سورة الدخان.
والحديث (ضعيف) حيث ضعفه الألباني، في: ضعيف سنن الترمذي ص345
لذلك: فلينتبه.. قارئ تفسير هذه السورة الكريمة.
سابعاً : صلة السورة بما قبلها
1 - لما ختم الله عز وجل سورة "الزخرف" بالوعيد والتهديد(4) في مثل قوله تعالى { فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ} [الآية 83]
افتتح هذه بشيء من الإنذار الشديد: من مثل قوله تعالى { بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ * فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الآيات 9-11]
2- لما ذكر هناك(4) قول رسول الله صلى الله عليه وسلم { يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ} [الزخرف 88]
ذكر هنا نظيره عن أخيه موسى عليه السلام: من قوله { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ} [الآية 22]
3-لما ذكر التوجيه لمحمد صلى الله عليه وسلم في نهاية الزخرف: بقوله تعالى(4) { فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ} [الزخرف 89]
ذكر هنا: ما هو قريب منه، من قول أخيه موسى عليه السلام { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ * وَإِنْ لَّمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ} [الآيتان 20، 21]
4-إذا كانت سورة "الزخرف": قد دللت على أن هذا القرآن لا ريب فيه. من خلال: ذكر خصائصه، وذكر مضمونه.(5)
فإن سورة "الدخان": قد دللت على ذلك أيضاً
من خلال: التعريف على الله تعالى، منزل القرآن، وصفاته، وأفعاله؛
حيث إن المعرفة الكاملة له سبحانه. تدل حتماً على أن القرآن لا ريب فيه.
5- إذا كانت سورة الزخرف: قد ذكرت خصائص هذا القرآن، الذي يعرض دين الله ومضمونه الأعلى الحكيم، وكونه يشرف حامليه، وأن فيه علم الساعة، التي هي أعظم حدث يمر على هذا العالم.(5)
فإن سورة "الدخان": تبين للمسلم الموقف السليم من وجوب الاستعداد لهذا اليوم العظيم بقوله تعالى { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الآية 10]
كما تبين له الموقف السليم أمام شك الشاكين بقوله تعالى { فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ} [الآية 59]
6- إذا كانت سورة "الزخرف": قد ذكرت من خصائص القرآن.. أنه عليّ، وأنه حكيم، وأنه علم للساعة..!!
فإن هذه السورة(5): تذكر من خصائص القرآن كذلك.. أنه مظهر من مظاهر رحمة الله تعالى.
7- إذا كانت سورة "الزخرف": قد استقرت على أنهم قوم لا يؤمنون، كما يفهم ذلك من قوله تعالى { وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ} [الزخرف 88]
فإن سورة "الدخان": تبين أنهم يؤمنون بعد رؤية العذاب، كما يفهم ذلك من قوله تعالى { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ * رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذَابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ} [الآيات 10-20]
مما يفهم منه(5): أن سورة "الدخان" كأنها استمرار لسورة "الزخرف".
ثامناً : هدف السورة
1- بيان تضافر آيات الله في الكون، وآياته في القرآن: على خدمة قضية الدعوة الإسلامية.
2- تصوير القوم الذين واجهوا الدعوة، وكيفية استقبالهم لها، ونتائج ذلك.
3- بيان عدم تساوي المؤمنين والكافرين في الحياة، وبعد الممات؛ بسبب مواقفهم من الدعوة.
تاسعاً : تقسيم آيات السورة موضوعيا
تتكون هذه السورة من: مقدمة، وخمس فقرات، وخاتمة.(5)
المقدمة: عبارة عن (9) آيات.
من الآية الأولى، حتى نهاية الآية (9).
وفيها:
تعريف: على الله تعالى، وعلى أفعاله.
وبيان: أن هذاالقرآن كتابه، وأنه هو الذي أنزله؛ بمقتضي رحمته وألوهيته وربوبيته.
ومع أن هذه القضية: ينبغي أن تكون من البديهيات المسلمات، وأن يكون الإيمان بها كذلك..!! فإن الكافرين: يشكون، ولا يصدقون به.
والفقرة الأولى: عبارة عن (7) آيات.
من الآية (10) حتى نهاية الآية (16)
وفيها:
أمر للحبيب صلى الله عليه وسلم، ولكل من يتأنى له هذا الأمر: أن يترقب وينتظرهلاك هؤلاء الشاكين المكذبين،
وذلك { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}
وكذلك يوم يبطش الله بهم { الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى}
والفقرة الثانية: عبارة عن (17) آية.
من الآية (17) حتى نهاية الآية (33)
وفيها:
بيان لوحدة موقف الكافرين؛
حيث يذكر سبحانه وتعالى: جانباً من نبأ موسى وفرعون وقومهما، الذي يشبه موقف كفار مكة، بل يكشف عن تماثل موقف الكافرين من الرسل، والدعاة في كل العصور.
وفي ذلك: تخفيف عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وتسلية له، وللمؤمنين، الذين يعانون من مواقف المشركين وعنادهم وحربهم.
وهو ـ في ذات الوقت ـ بشارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وللمؤمنين كذلك, بحسن العاقبة.
والفقرة الثالثة: عبارة عن (3) آيات
من الآية (34) حتى الآية (36)
وفيها:
حكاية لبعض أقوال الكافرين، التي دفعهم إليها جهلهم، وعنادهم.
والفقرة الرابعة: عبارة عن (3) آيات
من الآية (37) حتى نهاية الآية (39)
وفيها:
تهديد ووعيد لهؤلاء الكافرين، المنكرين للبعث، المحتجين في إنكارهم له.. بعدم عودة آبائهم الذين ماتوا.
وهو سبحانه وتعالى إذْ يهددهم.. يهددهم بآيات، وآيات؛ لو تمعنوا فيها: لكفوا شكهم, وعدلوا عن كفرهم.
حيث يهددهم:
بما حدث من هلاك للمكذبين من قبلهم.
وبقدرته العظيمة الباهرة في خلق السموات والأرض.
والفقرة الخامسة: عبارة عن (18) آية
من الآية (40) حتى نهاية الآية (57)
وفيها:
تهديد جديد عن طريق الوعد والوعيد.
تهديد للمشركين، ببيان ما يكون في يوم القيامة
من جزاء سيء أليم: للمكذبين،
ومن جزاء حسن: للمؤمنين المتقين.
والخاتمة: عبارة عن آيتين فقط.
وهي: الآية (58) والآية (59) وهي خاتمة آيات السورة
وفيها:
ختام ـ كما يقول صاحب الظلال ـ يلخص جو السورة وظلَّها. ويتناسق مع بدئها وخط سيرها.
فقد بدأت: بذكر الكتاب، وتنزيله للإنذار والتذكير،
وورد في سياقها: ما ينتظر المكذبين { يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ} [الآية 16]
ثم جاء هذا الختام: يذكرهم بنعمة الله في تيسير هذا القرآن، على لسان الرسول العربي، الذي يفهمونه، ويدركون معاينة.
ويخوفهم كذلك ـ العاقبة والمصير، في تغيير مخيف { فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ}
عاشراً : أبرز موضوعات السورة
وخلاصة ما تضمنته هذه السورة الكريمة من المقاصد(6)
1- بيان بدء نزول القرآن.
2- وعيد الكافرين بحلول الجدب والقحط بهم.
3- عدم إيمانهم مع توالي النكبات بهم.
4-عظة الكافرين بقصص فرعون وقومه مع موسى عليه السلام، وقد أنجى الله المؤمنين، وأهلك الكافرين.
5-إنكار المشركين للبعث وقولهم: إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين.
6-إقامة الدليل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
7-وصف أهوال يوم القيامة.
8-وصف ما يلاقيه المجرمون من النكال والوبال.
9-وصف نعيم المتقين وحصولهم على كل ما يرغبون.
حادى عشر : بعض الدروس المستفادة
يقول: الأستاذ/ سعيد حوي رحمه الله:
تبدأ سورة "الدخان" ـ بعد مقدمتها ـ بقوله تعالى للحبيب صلى الله عليه وسلم { فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ} [الآية 10]
وتنتهي بقوله تعالى ـ كذلك ـ للحبيب صلى الله عليه وسلم { فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ} [الآية 59]
مما يشير إلى:
أ- أن المستقبل بيد الله تعالى وحده.
ب- أن التغيير في هذا المستقبل ـ كذلك ـ بيد الله عز وجل وحده.
جـ- أن من واجبات الداعية أن يحسن البلاغ، وما عليه بعد ذلك سوى أن يدع النتائج لله تعالى.
ثانى عشر : مصادر المفاتيح و هوامش البحث
1- انظر: السخاوي / جمال القراء 1/37
الفيروزابادي / بصائر 1/424
2- انظر: القاسمي / محاسن التأويل (تفسير الدخان)
3- انظر: مكي بن أبي طالب /التبصرة ص326
السخاوي / جمال القراء 1/216
الفيروزابادي / بصائر 1/424
الآلوسي / روح المعاني (تفسير الدخان)
محمد غوث / نثر المرجان 6/464
4- انظر: الآلوسي / روح المعاني (تفسير الدخان)
5- انظر: سعيد حوي / الأساس (تفسير الدخان)
6- انظر: المراغي / تفسير المراغي (تفسير الدخان)
بقلم فضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي
رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر
المصدر : موقع هدى الإسلام.