[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]30-وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
31-قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ
32-قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ
هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألوا عن ذلكفأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم فقال تعالى « وعلم آدم الأسماء كلها » قال السدي عمن حدثه عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه أسماء ولده إنسانا إنسانا والدواب فقيل هذا الحمار هذا الجمل هذا الفرس وقال الضحاك عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال هي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس إنسان ودواب وسماء وأرض وسهل وبحر وخيل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها وروى ابن أبي حاتم وابن جرير من حديث عاصم بن كليب عن سعيد بن معبد عن ابن عباس « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه اسم الصحفة والقدر قال نعم حتى الفسوة والفسية وقال مجاهد « وعلم آدم الأسماء كلها » قال علمه أسم كل دابة وكل طير وكل شيء وكذلك روي عن سعيد بن جبير وقتادة وغيرهم من السلف أنه علمه أسماء كل شيء وقال الربيع في رواية عنه أسماء الملائكة وقال حميد الشامي أسماء النجوم وقال عبد الرحمن بن زيد علمه أسماء ذريته كلهم واختار ابن جرير أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء الذرية لأنه قال « ثم عرضهم » وهذا عبارة عما يعقل وهذا الذي رجح به ليس بلازم فإنه لا ينفي أن يدخل معهم غيرهم ويعبر عن الجميع بصيغة من يعقل للتغليب كما قال تعالى « والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير » وقد قرأ عبد الله بن مسعود ثم عرضهن وقرأ أبي بن كعب ثم عرضها أي السموات الصحيح أنه علمه أسماء الأشياء كلها ذراتها وصفاتها وأفعالها كما قال ابن عباس حتى الفسوة والفسية يعني أسماء الذوات والأفعال المكبر والمصغر ولهذا قال البخاري في تفسير هذه الآية في كتاب التفسير من صحيحه « 4476 » حدثنا مسلم ابن إبراهيم حدثنا هشام حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقال لي خليفة حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيقولون لو استشفعنا إلى ربنا فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فاشفع لنا إلى ربك حتى يريحنا من مكاننا هذا فيقول لست هناكم ويذكر ذنبه فيستحي ائتو نوحا فانه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر سؤاله ربه ماليس له به علم فيستحي فيقول ائتوا خليل الرحمن فيأتونه فيقول لست هناكم فيقول ائتوا موسى عبدا كلمه الله وأعطاه التوراة فيأتونه فيقول لست هناكم ويذكر قتل النفس بغير نفس فيستحي من ربه فيقول ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمة الله وروحه فيأتونه فيقول لست هناكم ائتوا محمدا عبدا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني فأنطلق حتى أستأذن على ربي فيأذن لي فإذا رأيت ربي وقعت ساجدا فيدعني ما شاء الله ثم يقال ارفع رأسك وسل تعطه وقل يسمع واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود اليه فاذا رأيت ربي مثله ثم اشفع فيحد لي حدا فأدخلهم الجنة ثم أعود الثالثة ثم أعود الرابعة فأقول مابقي في النار إلا من حبسه القرآن ووجب عليه الخلود هكذا ساق البخاري هذا الحديث ههنا وقد رواه مسلم « 193 » والنسائي « كبرى تحفة 1357 » من حديث هشام ابن أبي عبد الله الدستوائي عن قتادة به وأخرجه مسلم « 193 » والنسائي « كبرى 11243 » وابن ماجه « 4312 » من حديث سعيد وهو ابن أبي عروبة عن قتادة ووجه إيراده ههنا والمقصود منه قوله عليه الصلاة والسلام فيأتون آدم فيقولون أنت أبو الناس خلقك الله بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فدل هذا على أنه علمه أسماء جميع المخلوقات ولهذا قال « ثم عرضهم على الملائكة » يعني المسميات كما قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال ثم عرض تلك الأسماء على الملائكة « فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين » وقال السدي في تفسيره عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة « وعلم آدم الأسماء كلها » ثم عرض الخلق على الملائكة وقال ابن جريج عن مجاهد ثم عرض أصحاب الأسماء على الملائكة وقال ابن جرير حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثني الحجاج عن جرير بن حازم ومبارك بن فضالة عن الحسن وأبي بكر عن الحسن وقتادة قالا علمه اسم كل شيء وجعل يسمي كل شيء باسمه وعرضت عليه أمة أمة وبهذا الإسناد عن الحسن وقتادة في قوله تعالى « إن كنتم صادقين » إني لم أخلق خلقا إلا كنتم أعلم منه فأخبروني بأسماءهؤلاء إن كنتم صادقين وقال الضحاك عن ابن عباس « إن كنتم صادقين » إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض خليفة وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة إن كنتم صادقين أن بني آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء وقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك تأويل ابن عباس ومن قال بقوله ومعنى ذلك فقال أنبئوني بأسماء من عرضته عليكم أيها الملائكة القائلون أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء من غيرنا أم منا فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك إن كنتم صادقين في قيلكم إني إن جعلت خليفتي في الأرض من غيركم عصاني وذريته وأفسدوا وسفكوا الدماء وإن جعلتكم فيها أطعتموني واتبعتم أمري بالتعظيم لي والتقديس فإذا كنتم لا تعلمون أسماء هؤلاء الذين عرضت عليكم وأنت تشاهدونهم فأنتم بما هو غير موجود من الأمور الكائنة التي لم توجد أحرى أن تكونوا غير عالمين « قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » هذا تقديس وتنزيه من الملائكة لله تعالى ان يحيط احد بشيء من علمه إلا بما شاء وان يعلموا شيئا إلا ما علمهم الله تعالى ولهذا قالوا « سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك وفي تعليمك ما تشاء ومنعك ما تشاء لك الحكمة في ذلك والعدل التام قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا حفص بن غياث عن حجاج عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس سبحان الله قال تنزيه الله نفسه عن السوء ثم قال عمر لعلي وأصحابه عنده لا إله إلا الله قد عرفناها فما سبحان الله فقال له علي كلمة أحبها الله لنفسه ورضيها وأحب أن تقال قال وحدثنا أبي حدثنا ابن نفيل حدثنا النضر بن عربي قال سأل رجل ميمون بن مهران عن سبحان الله فقال اسم يعظم الله به ويحاشا به من السوء قوله تعالى « قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » قال زيد بن أسلم قال أنت جبرائيل أنت ميكائيل أنت إسرافيل حتى عدد الأسماء كلها حتى بلغ الغراب وقال مجاهد في قول الله « قال يا آدم انبئهم بأسمائهم » قال اسم الحمامة والغراب واسم كل شيء وروي عن سعيد بن جبير والحسن وقتادة نحو ذلك فلما ظهر فضل آدم عليه السلام على الملائكة عليهم السلام في سرده ما علمه الله تعالى من أسماء الأشياء قال الله تعالى للملائكة « ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » أي ألم أتقدم إليكم اني أعلم الغيب الظاهر والخفي كما قال تعالى « وإن تجهر بالقول فانه يعلم السر وأخفى » وكما قال إخبارا عن الهدهد أنه قال لسليمان « ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم » وقيل في قوله تعالى « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » غير ما ذكرناه فروى الضحاك عن ابن عباس « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » قال أعلم السر كما أعلم العلانية يعني ما كتم إبليس في نفسه من الكبر والإغترار وقال السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن ناس من الصحابة قال قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء الآية فهذا الذي أبدوا « وما كنتم تكتمون » يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر وكذلك قال سعيد بن جبير ومجاهد والسدي والضحاك والثوري واختار ذلك ابن جرير وقال أبو العالية والربيع بن أنس والحسن وقتادة هو قولهم لم يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون » فكان الذي أبدوا هو قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وكان الذي كتموا بينهم قولهم لن يخلق ربنا خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم فعرفوا ان الله فضل عليهم آدم في العلم والكرم وقال ابن جرير حدثنا يونس حدثنا ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في قصة الملائكة وآدم فقال الله للملائكة كما لم تعلموا هذه الأسماء فليس لكم علم إنما أردت أن أجعلهم ليفسدوا فيها هذا عندي قد علمته فكذلك أخفيت عنكم اني أجعل فيها من يعصيني قال وقد سبق من الله « لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين » قال ولم تعلم الملائكة ذلك ولم يدروه قال فلما رأوا ما أعطى الله آدم من العلم أقروا له بالفضلوقال ابن جرير وأولى الأقوال في ذلك قول ابن عباس وهو أن معنى قوله تعالى « وأعلم ما تبدون » وأعلم مع علمي غيب السموات والأرض ما تظهارونه بألسنتكم وما كنتم تخفون في أنفسكم فلا يخفى علي شيء سواء عندي سرائركم وعلانيتكم والذي أظهروه بألسنتهم قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها والذي كانوا يكتمون ما كان عليه منطويا إبليس من الخلاف على الله في أوامره والتكبر عن طاعته قال وصح ذلك كما تقول العرب قتل الجيش وهزموا وإنما قتل الواحد أو البعض وهزم الواحد أو البعض فيخرج الخبر عن المهزوم منه والمقتول مخرج الخبر عن جميعهم كما قال تعالى « إن الذين ينادونك من وراء الحجرات » ذكر أن الذي نادى إنما كان واحدا من بني تميم قال وكذلك قوله « وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون »
انتهي تفسير الاية الثلاثين والحادية والثلاثين والثالثة والثلاثين من سورة البقرة
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته