قال الله تعالى: " (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) .[الأنعام: 82]
الحياة كنوز ونفائس
أعظمها الإيمان بالله . . . وطريقها مناره القرآن الكريم
فالإيمان إشعاعه أمان . . .
والأمان يبعث الأمل . .
والأمل يثمر السكينة . . .
والسكينة نبع للسعادة . . .
والسعادة حصادها أمن وهدوء نفسي . .
فلا سعادة للإنسان بلا سكينة نفس، ولا سكينة نفس بلا اطمئنان القلب.
فكلاً منا يبحث عن السعادة ويسعى إليها، لأنها أمل
كل إنسان ومنشود كل بشر والتي بها يتحقق له الأمن النفسي.
والسعادة التـي نعنيها هي السعادة الروحية الكاملة التـي تبعث الأمل
والرضا، وتثمر السكينة والاطمئنان ، وتحقق الأمن النفسي والروحي
للإنسان فيحيا سعيداً هانئاً آمناً مطمئناً.
وليس الأمن النفسي بالمطلب الهين فبواعث القلق والخوف والضيق
ودواعي التردد والارتياب والشك تصاحب الإنسان منذ أن يولد وحتى يواريه التراب.
ولقد كانت قاعدة الإسلام التي يقوم عليها كل بنائه هي حماية الإنسان
من الخوف والفزع والاضطراب وكل ما يحد حريته وإنسانيته
والحرص على حقوقه المشروعة في الأمن والسكينة والطمأنينة،
والموصل إلى السكينة والطمأنينة والأمن هو الإقبال والسير على طريق الله
للوصول إلى حب الله والفوز بالقرب منه تعالى.
ويكون ذلك بالإيمان بنور الله وهو القرآن الكريم والذي نستدل به على الطريق السليم ونأخذ منه دستور حياتنا .. وننعم بنوره الذي ينير القلب والوجدان والنفس والروح والعقل جميعاً وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
فالقرآن الكريم عُني بالنفس الإنسانية عناية شاملة . . عناية تمنح
الإنسان معرفة صحيحة عن النفس وقاية وعلاجاً دون أن ينال ذلك
من وحدة الكيان الإنساني ، وهذا وجه الإعجاز والروعة في القرآن الكريم
فالإنسان هو المقصود بالهداية والإرشاد والتوجيه والإصلاح.
فأوضح لنا القرآن الكريم في الكثير من آياته الكريمة أهمية الإيمان
للإنسان وما يحدثه من بث الشعور بالأمن والطمأنينة والسكينة في
كيان الإنسان ، لأن الإيمان الصادق يمد الإنسان بالأمل والرجاء
في عون الله ورعايته وحمايته، وهو يشعر على الدوام بأن الله عز وجل معه
في كل لحظة، فيتمسك المؤمن بكتاب الله لاجئاً إليه دائماً،
فهو بالنسبة له خير مرشد في تحقيق الاستقرار النفسي له .
لذلك مهما قابل المؤمن من مشاكل وواجهه من محن فإن كتاب الله وكلماته المشرقة
بأنوار الهدى كفيلة بأن تزيل ما في نفسه من وساوس ، وما في جسده من
آلام وأوجاع ، ويتبدل خوفه إلى أمن وسلام، وشقاؤه إلى سعادة وهناء كما
يتبدل الظلام الذي كان يراه إلى نور يشرق على النفس ، ويشرح الصدر ،
ويبهج الوجدان . . فهل هناك نعمة أكبر من هذه النعمة التي إن دلت على
شيء فإنما تدل على حب الله وحنانه الكبير وعطائه الكريم لعبده المؤمن .
فكتاب الله يرشد المؤمن إلى تحقيق الأمن النفسي والسعادة الروحية التي
لا تقابلها أي سعادة أخرى ولو ملك كنوز الدنيا وما فيها.
فلا يجعله يخشى شيئاً في هذه الحياة فهو يعلم أنه لا يمكن أن يصيبه شر
أو أذى إلا بمشيئة الله تعالى ، كما يعلم أن رزقه بيد الله وأنه سبحانه وتعالى قد قسم الأرزاق بين الناس وقدَّرها ، كما أنه لا يخاف الموت بل إنه حقيقة واقعة لا مفر منها ،
فهو ضيف في هذه الدنيا مهما طال عمره أو قصر، فهو بلا شك سينتقل
إلى العالم الآخر، وهو يعمل في هذه الدنيا على هذا الأساس، كما أنه
لا يخاف مصائب الدهر ويؤمن إيماناً قوياً بأن الله يبتليه دائماً في الخير
والشر، ولولا لطف الله سبحانه لهلك هلاكاً شديداً .
والقرآن الكريم يمنح الإنسان الإجابة الشافية والمعرفة الوافية ،
لكل أمر من أمور دينه ودنياه وآخرته ، فيسير في طريقه لا يخشى شيئاً
إلا الله ، صابراً حامداً شاكراً ذاكراً لله على الدوام ، شاعراً بنعمة الله
عليه . . يحس بآثار حنانه ودلائل حبه... فكل هذا يبث في نفسه طاقة
روحية هائلة تصقله وتهذبه وتقومه وتجعله يشعر بالسعادة والهناء ،
وبأنه قويٌ بالله . . . سعيدٌ بحب الله ، فينعم الله عز وجل عليه بالنور
والحنان، ويفيض عليه بالأمن والأمان ، فيمنحه السكينة النفسية
والطمأنينة القلبية.
فأثر القرآن الكريم وذكر الله عز وجل عظيم في تحقيق الأمن النفسي ،
والطمأنينة.
قال تعالى (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )]الرعد:28]
فلنتمسك بكتاب الله ونقتدي به ، ونتدبر في آياته البينات ،
ونتأمل في كلماته التي لا تنفد أبداً :
قال تعالى: (قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي
ولو جئنا بمثله مدداً) [الكهف:109]
حتى نتحلى بالإيمان الكبير في هذه الرحلة الروحية مع آيات الله فنتزود
بما جاء به القرآن الكريم من خلق عظيم، وأدب حميد ، وسلوك فريد،
ومعرفة شاملة بحقيقة النفس الإنسانية كما أرادها الله عز وجل أن تكون،
وترتقي حيث الحب والخير والصفاء والنورانية ، فننعم بالسلام الروحي
الممدود ، والاطمئنان القلبي المشهود ، والأمن النفسي المنشود .
منقول بتصَرُّف