السرحان والتفكير في أمور الدنيا مشكلة لا يكاد ينجو منها أحد حتى أن البعض قد ينقطع عن الصلاة بسبها ولا شك أن التركيز في الصلاة من أهم أركانها ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أول ما يحاسب به العبد الصلاة: ينظر الله في صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) ..
ويقول صلى الله عليه وسلم: (إذا نودي للصلاة يحضر الشيطان بين المرء ونفسه يقول أذكر كذا وكذا لما لم يكن يذكر حتى لا يدرى الرجل كم صلى).
ولعلاج مشكلة السرحان في الصلاة يجب تهيئة النفس قبل الصلاة بتخصيص دقيقة واحدة لتدبر عدة أمور:
أولاً :استحضار هيبة الله تعالى
قبل أن تؤدي الصلاة هل فكرت يوماً وأنت تسمع الآذان بأن جبار السماوات والأرض يدعوك للقائه في الصلاة ..
وأنت توضأ بأنك تستعد لمقابلة ملك الملوك ..
وأنت تجه إلى المسجد بأنك تجيب دعوة العظيم ذي العرش المجيد ..
وأنت تكبر تكبيرة الإحرام بأنك ستدخل في مناجاة ربك السميع العليم ..
وأنت تؤدي حركات الصلاة بأن هناك الأعداد التي لا يعلمها إلا الله من الملائكة راكعون وآخرون ساجدون منذ آلاف السنين حتى أضيئت السماء بهم ..
وأنت تسجد بأن أعظم وأجمل مكان يكون فيه الإنسان هو أن يكون قريباً من ربه الواحد الأحد.
وأنت تسلم في آخر الصلاة بأنك تحرق شوقاً للقائك القادم مع الرحمن الرحيم .الشوق إلى الله ولقائه نسيم يهب على القلب ليذهب وهج الدنيا ..
المستأنس باله جنته في صدره وبستانه في قلبه ونزهته في رضي ربه ..
أرق القلوب قلب يخشى الله
وأعذب الكلام ذكر الله
وأطهر حب الحب في الله
ثانياً: يجب عقد النية والتصميم على التركيز في الصلاة ليتقبلها الله سبحانه وتعالى والاستعاذة من الشيطان
ولقد شكا رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي فقال له صلى الله عليه وسلم: فإذا أحسته فتعوذ باله منه و أتفل - أي أنفخ مع رزاز خفيف لا يرى ولا يحس - على يسارك ثلاثاً قال: فعلت ذلك فأذهبه الله عني
وهناك عده نقاط يجب مراعاتها أثناء الصلاة لأن الهدف من الصلاة ومن كل العبادات هو أصلاح القلب .
ثالثاً: أنا في حديث مع الله فيجب إلا تؤدي الصلاة كمجرد مهمة فعندما تقرأ سورة الفاتحة في الصلاة تشعر بأنك في حوار خاص بينك وبين خالقك ذي القوة المتين.
فالصلاة مقسومة بينك وبين الله عز وجل ..
رابعاً: استحضار المعنى
بإشراك القلب والعقل مع السان في تدبر كل كلمة والإحساس بها وبمعناها قال الله تعالى: )والذين هم في صلاتهم خاشعون) (سوره المؤمنون: 2)
ويساعد عليه النظر إلى موقع السجود أو بين القدمين ..
خامساً: عدم النظر إلى السماء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم فاشتد قوله في ذلك حتى قال لينتهن أو لتخطفن أبصارهم .
سادساً: عدم الالتفات
فإن الاختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد
فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت أنصرف عنه .
سابعاً: عدم التثاؤب
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التثاؤب في الصلاة من الشيطان عند التثاؤب يقبض الفكين على بعضهما جيداً أو بوضع اليد على الفم.
ثامناً: عدم التشك
لا يتشك من أي هاجس فإذا تشك من أي شيء كصحة وضوءه أو عد الركعات استعاذ باله من الشيطان وأكمل صلاته ..
تاسعاً: عدم القراءة سراً وأيضاً عدم رفع الصوت عالياً
فيجب أن يسمع نفسه فقط لقوله تعالى في سوره الإسراء (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلاً)
عاشراً: إتقان الصلاة
وذلك يكون بالتأني في أدائها وإعطاء كل ركن حقه وزيادة عد التسبيح في الركوع والسجود والدعاء عند السجود بتركيز في الرجاء في الله تعالى بإجابته ..
عند تذكر ما نسى من أمور الدنيا أثناء الصلاة يجب عدم الالتفات إليها لان الله تعالى اقدر على تذكيرنا إذا دعونا بذلك بعد الصلاة ..
ولا حرج من تكرار ما سبق أكثر من مرة والاستمرار في دفع الشيطان فلذلك أجرة وهذه من الجهاد الذي سماه الصحابة الجهاد الأكبر ويجب عدم اليأس والاستسلام للهزيمة بترك الصلاة والانقطاع عنها بحجه أنها تحملنا ذنوبا بدلاً من الحسنات فهي حيله أخرى من حيل الشيطان لتحقيق هدفه بإبعادنا عن الصلاة فمن لا تقبل صلاته لا يقبل عمله فما بالنا بمن لا يصلى أصلاً ؟
ويسرى عنا أن بعض كبار الصحابة كانوا ينشغلون في بعض الأحيان بأمور الدنيا
الدال على الخير كفاعله